فيتامين D هو واحد من الفيتامينات الأساسية التي يحتاجها الجسم لأداء وظائفه الحيوية بشكل صحيح. لكن في السنوات الأخيرة، أصبح هناك اهتمام متزايد بشأن نقص هذا الفيتامين وكيفية تأثيره على صحة الإنسان. هل نحن بحاجة فعلا إلى فيتامين D؟ وهل يكفي الحصول عليه من الشمس أو الطعام؟ أم أن هناك ضرورة لتناول المكملات الغذائية؟
![]() |
| نحتاج فعلا إلى فيتامين D |
في هذا المقال، سنتناول أهمية فيتامين D للجسم، المصادر الطبيعية له، والأسباب التي قد تؤدي إلى نقصه، بالإضافة إلى كيفية الحصول على الكمية الكافية منه.
ما هو فيتامين D؟
1. تعريف فيتامين D
فيتامين D هو فيتامين قابل للذوبان في الدهون، مما يعني أنه يتم تخزينه في الأنسجة الدهنية والكبد، ويمكن استخدامه لاحقا عندما يحتاجه الجسم. على عكس معظم الفيتامينات الأخرى، يمكن للجسم إنتاج فيتامين D من خلال تعرض الجلد لأشعة الشمس فوق البنفسجية، مما يجعله "فيتامين الشمس".
ومع ذلك، في بعض الحالات، قد يعاني الأشخاص من نقص في هذا الفيتامين بسبب نمط حياتهم أو عاداتهم الغذائية.
2. أهمية فيتامين D للجسم
يلعب فيتامين D دورا محوريا في العديد من العمليات الحيوية داخل الجسم، ويؤثر بشكل مباشر على صحة العظام جهاز المناعة، والعديد من الأنظمة الأخرى. أبرز فوائده تشمل:
دعم صحة العظام: فيتامين D يساعد في امتصاص الكالسيوم من الأمعاء، وهو عنصر أساسي لبناء العظام.
فيتامين D والكالسيوم عنصران أساسيان في بناء العظام القوية والوقاية من هشاشة العظام.
تعزيز جهاز المناعة: يساعد فيتامين D في تقوية الدفاعات المناعية ضد العديد من الأمراض.
تنظيم مستويات السكر في الدم: أظهرت الدراسات أن فيتامين D قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بالسكري من النوع 2.
دعم صحة القلب: تشير بعض الأبحاث إلى أن فيتامين D قد يلعب دورا في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.
ما هي مصادر فيتامين D؟
1. أشعة الشمس
أبسط وأهم مصدر لفيتامين D هو التعرض لأشعة الشمس، عندما يتعرض الجلد لأشعة الشمس فوق البنفسجية (UVB)، يقوم الجسم بإنتاج فيتامين D بشكل طبيعي. لكن يجب أن يكون التعرض لفترة كافية ودون الإفراط في التعرض لأشعة الشمس المباشرة للحفاظ على صحة البشرة.
كيف يمكن الحصول على فيتامين D من الشمس؟
مدة التعرض: يوصي الأطباء بتعرض الجسم للشمس لمدة 10-30 دقيقة يوميا، حسب لون البشرة والموقع الجغرافي.
الوقت المثالي: يفضل التعرض للشمس في أوقات الذروة، أي بين الساعة 10 صباحًا و 3 مساءا، حيث تكون الأشعة فوق البنفسجية في أعلى مستوياتها.
البشرة الداكنة: الأشخاص ذوي البشرة الداكنة يحتاجون إلى وقت أطول للتعرض للشمس، حيث أن الميلانين الموجود في البشرة الداكنة يقلل من قدرة الجسم على إنتاج فيتامين D.
2. الأطعمة التي تحتوي على فيتامين D
على الرغم من أن التعرض لأشعة الشمس هو المصدر الرئيسي لفيتامين D، إلا أنه يمكن الحصول عليه من بعض الأطعمة التي تحتوي عليه. إليك بعض الأطعمة الغنية بفيتامين D:
الأسماك الدهنية مثل السلمون، التونة، والسردين.
الزبدة: تحتوي على كميات صغيرة من فيتامين D.
البيض: الصفار يحتوي على فيتامين D.
منتجات الألبان المدعمة: مثل الحليب واللبن الزبادي الذي يحتوي على كميات مضافة من فيتامين D.
3. المكملات الغذائية
في حالة عدم القدرة على الحصول على الكمية الكافية من فيتامين D من الشمس أو الطعام، يمكن اللجوء إلى المكملات الغذائية. تعتبر المكملات الخيار المثالي للأشخاص الذين يعانون من نقص في الفيتامين، خاصة في فصل الشتاء أو في المناطق التي تشهد نقصا في أشعة الشمس.
![]() |
| مكملات فيتامين د |
يوصي الأطباء بمكملات فيتامين D إذا كان مستواه في الدم أقل من 20 نانوغرام/مل.
جدول بالأطعمة الغنية بفيتامين D
| الغذاء | نسبة فيتامين D تقريبا |
|---|---|
| سمك السلمون | 526 وحدة دولية / 100غ |
| صفار البيض | 37 وحدة دولية / صفار |
| الحليب المدعم | 130 وحدة دولية / كوب |
| زيت كبد الحوت | 450 وحدة دولية / ملعقة |
لماذا يعاني البعض من نقص في فيتامين D؟
رغم أن فيتامين D يمكن الحصول عليه بسهولة من خلال التعرض لأشعة الشمس أو تناول بعض الأطعمة، إلا أن النقص فيه أصبح مشكلة صحية شائعة في مختلف أنحاء العالم، وخاصة في المناطق الحضرية والباردة.
يعاني ملايين الأشخاص من مستويات منخفضة من هذا الفيتامين الحيوي دون أن يدركوا ذلك، مما ينعكس سلبا على صحتهم العامة، لا سيما صحة العظام والمناعة والطاقة النفسية والبدنية.
يرجع هذا النقص إلى مجموعة من الأسباب والعوامل المعقدة، تتعلق بنمط الحياة الحديث، العادات الغذائية، وبعض الحالات الطبية المزمنة.
في الفقرات التالية، نستعرض أبرز أسباب نقص فيتامين D، والعوامل التي تؤثر على قدرة الجسم على إنتاجه أو امتصاصه بكفاءة.
1. نمط الحياة العصري والابتعاد عن الشمس
في ظل الحياة العصرية التي نعيشها اليوم، أصبحنا نقضي وقتا أطول داخل البيوت والمكاتب، بعيدا عن أشعة الشمس التي تعد المصدر الطبيعي والأهم لفيتامين D. يعتمد الجسم بشكل رئيسي على التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية (UVB) لإنتاج هذا الفيتامين من خلال الجلد، لكن العديد من العادات اليومية تعيق هذه العملية الطبيعية.
- قضاء ساعات طويلة في الأماكن المغلقة
الأشخاص الذين يعملون لساعات طويلة في المكاتب أو يعيشون في بيئات حضرية مغلقة قد يعانون من نقص حاد في فيتامين D، نظرًا لقلة تعرضهم لأشعة الشمس المباشرة.
- الاستخدام المفرط للواقي الشمسي
رغم أن استخدام واقي الشمس ضروري لحماية الجلد من الأضرار، إلا أن استخدامه المفرط يمنع الأشعة فوق البنفسجية من الوصول إلى الجلد وبالتالي يعرقل إنتاج فيتامين D.
- الملابس المغطية بالكامل
بعض الثقافات والعادات تتطلب ارتداء ملابس تغطي معظم أجزاء الجسم، مما يحد من تعرض الجلد للشمس، وخاصة لدى النساء، وهو ما يفسر انتشار نقص الفيتامين في بعض الفئات بشكل أكبر.
- العيش في مناطق ذات طقس بارد أو غائم
الأشخاص الذين يعيشون في مناطق نائية عن خط الاستواء، حيث تقل ساعات الشمس وخصوصًا في فصل الشتاء، يكونون أكثر عرضة لنقص فيتامين D.
2. قلة التعرض للشمس
الأشخاص الذين يعيشون في مناطق جغرافية بعيدة عن خط الاستواء أو الذين يعانون من الفصول الباردة قد يواجهون صعوبة في الحصول على ما يكفي من فيتامين D بسبب انخفاض مستويات أشعة الشمس في هذه المناطق. في فصل الشتاء، يكون التعرض للشمس أقل، مما يؤدي إلى نقص الفيتامين في الجسم.
3. النظام الغذائي غير المتوازن
بعض الأشخاص لا يتناولون الأطعمة الغنية بفيتامين D بانتظام، ما يؤدي إلى نقصه في الجسم. كما أن بعض الحميات الغذائية مثل النباتية الصارمة قد تفتقر إلى مصادر غنية بفيتامين D، مثل الأسماك ومنتجات الألبان.
4. الأمراض المزمنة وتأثيرها على امتصاص فيتامين D
الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل مرض كرون أو أمراض الكبد أو الكلية قد يكونون أكثر عرضة لنقص فيتامين D، لأن هذه الحالات تؤثر على قدرة الجسم على امتصاص الفيتامين أو إنتاجه.
لا يقتصر نقص فيتامين D على قلة التعرض للشمس فقط، بل تلعب بعض الأمراض المزمنة دورا مهما في تقليل قدرة الجسم على امتصاص الفيتامين أو استخدامه بكفاءة. هذا النوع من النقص يسمى أحيانا "نقص وظيفي"، لأن السبب ليس في قلة الحصول عليه، بل في عدم استفادة الجسم منه بالشكل المطلوب.
- أمراض الجهاز الهضمي
تؤثر بعض الأمراض الهضمية مثل داء كرون، الاضطرابات الهضمية (Celiac disease)، والتهاب القولون التقرحي على قدرة الأمعاء على امتصاص الدهون، وبالتالي تقلل من امتصاص فيتامين D القابل للذوبان في الدهون.
- أمراض الكبد
يلعب الكبد دورا أساسيا في تحويل فيتامين D إلى شكله النشط داخل الجسم. لذا، فإن المصابين بأمراض الكبد المزمنة مثل التليف الكبدي أو التهاب الكبد المزمن، قد يعانون من انخفاض مستويات فيتامين D حتى لو تعرضوا لأشعة الشمس أو تناولوا مكملات.
- أمراض الكلى
الكلى هي المسؤولة عن الخطوة الأخيرة في تنشيط فيتامين D داخل الجسم. مرضى الفشل الكلوي المزمن غالبا ما يعانون من نقص في الفيتامين بسبب عدم القدرة على إتمام هذه العملية الحيوية، مما يجعلهم بحاجة إلى تناول شكل نشط من فيتامين D بوصفة طبية.
- السمنة المفرطة
في الأشخاص الذين يعانون من السمنة،يخزن فيتامين D في الدهون بدلا من أن يكون متاحا في الدم، مما يقلل من فعاليته الحيوية في الجسم. لذا فإن السمنة تعد من العوامل غير المباشرة المؤثرة في نقص فيتامين D.
إقرأ أيضا: أفضل الأطعمة الطبيعية لتحفيز عملية حرق الدهون
أعراض نقص فيتامين D
1. ألم وضعف العظام
2. الاكتئاب والتقلبات المزاجية
3. الإرهاق العام وضعف الطاقة
4. ضعف جهاز المناعة
فيتامين D والصحة النفسية
تشير الأبحاث الحديثة إلى وجود علاقة وثيقة بين مستويات فيتامين D والصحة النفسية. انخفاض هذا الفيتامين قد يزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب والقلق. فيتامين D يؤثر على الناقلات العصبية مثل السيروتونين، والتي تلعب دورا رئيسيا في تحسين المزاج.
فيتامين D للأطفال والرضع
يحتاج الأطفال، وخاصة الرضع، إلى كميات كافية من فيتامين D لنمو سليم للعظام والأسنان. توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بإعطاء مكملات فيتامين D للرضع الذين يرضعون رضاعة طبيعية بمقدار 400 وحدة دولية يوميا.
فيتامين D وكبار السن
مع تقدم العمر، تقل قدرة الجلد على إنتاج فيتامين D من الشمس. بالإضافة إلى ذلك، قد تقل شهية كبار السن للأطعمة الغنية به. لذا ينصح بقياس مستوياته بانتظام وتناول مكملات تحت إشراف طبي.
من هم الأكثر عرضة لنقص فيتامين D؟
لا يصيب نقص فيتامين D الجميع بنفس الدرجة، فهناك فئات محددة من الناس أكثر عرضة للإصابة بهذا النقص، إما بسبب ظروف بيئية، أو عوامل بيولوجية، أو أسلوب الحياة.
إليك أبرز الفئات التي يجب أن تولي اهتماما خاصا بمستوى هذا الفيتامين في أجسامها:
1. كبار السن
مع التقدم في العمر، تقل كفاءة الجلد في إنتاج فيتامين D عند التعرض لأشعة الشمس، كما تنخفض قدرة الكلى على تحويل الفيتامين إلى شكله النشط في الجسم. بالإضافة إلى ذلك، يميل كبار السن لقضاء وقت أطول داخل المنازل، مما يحد من تعرضهم للشمس. لهذا السبب، غالبا ما ينصح كبار السن بتناول مكملات فيتامين D بشكل دوري.
2. أصحاب البشرة الداكنة
يمتلك الأشخاص ذوو البشرة الداكنة نسبة أعلى من صبغة الميلانين في الجلد، وهي المادة التي تقلل من قدرة الجلد على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية المسؤولة عن تحفيز إنتاج فيتامين D. لذلك، فهم بحاجة إلى التعرض لأشعة الشمس لفترات أطول مقارنة بأصحاب البشرة الفاتحة للحصول على نفس الكمية من الفيتامين.
3. النساء المحجبات أو من يرتدين ملابس تغطي معظم الجسم
في المجتمعات التي ترتدي فيها النساء ملابس تغطي معظم أجزاء الجسم، مثل الحجاب أو النقاب، يقل تعرض الجلد للشمس بشكل مباشر، ما يؤثر سلبا على إنتاج فيتامين D. هذه الفئة تكون عرضة بشكل خاص للنقص، لذا يتوجب عليهن تعويض الفيتامين من خلال النظام الغذائي أو المكملات.
4. الأشخاص المصابون بالسمنة
الأشخاص الذين يعانون من السمنة يكون لديهم مخزون أكبر من الدهون تحت الجلد، حيث يخزن فيتامين D في هذه الدهون، بدلا من أن يكون متاحا في مجرى الدم. هذا يؤدي إلى انخفاض مستواه النشط في الجسم حتى لو تم إنتاجه بشكل كافٍ.
تشير الدراسات إلى أن مؤشر كتلة الجسم المرتفع (BMI) يرتبط ارتباطا وثيقا بانخفاض مستويات فيتامين D.
كيفية التأكد من مستويات فيتامين D في جسمك؟
1. التحاليل المخبرية
2. استشارة الطبيب
الخلاصة


